في العام 1991م، وغداة احتلال العراق للكويت عرض أسامة بن لادن إنشاء مليشيا موازية للجيش والحرس الوطني السعودي لقتال صدام والدفاع عن السعودية كما زعم، وجاء عرض بن لادن في خضم أزمة عاصفة في الإقليم وارتباك في المشهد الأمني، ولخّص بن لادن فكرته في جلب مقاتلين من تنظيمه ومن عملوا معه في أفغانستان من فلول القاعدة وتنظيم الجهاد المصري والإخوان المسلمين، لم يكن بن لادن يتحدث عن نفسه فقط، بل بالنيابة عن تيار إخواني متطرف يقف خلفه، لديهم أهداف أبعد من تحرير الكويت أو المساهمة في الدفاع عن حدود المملكة.
جاء العرض لانتهاز الفرصة التي ظنوها لمشاركة الدولة في مجهودها العسكري، ومن ثم ابتزازها بمليشيا غير منضبطة قوامها مئات الآلاف تجوب الشوارع ولديها قيادتها المنفصلة عن الحكومة، تنفذ توجيهات بن لادن والمسعري وسعد الفقيه وغيرهم من قيادات التطرف الذين كانوا ناشطين وقتها في المملكة، بالطبع رفض العرض لأن القيادة السعودية واعية وحكيمة وقادرة على حماية حدودها وشعبها من أي معتدٍ، وتعرف أيضاً أهداف بن لادن ومن وراءه.
نفس العرض أطلقه الواعظ سعد البريك بعد سنوات وتحديداً العام 2014 داعياً لإنشاء ما سماه (جيش مكة) وكانت فكرته أبعد من بن لادن، مليشيا مسلحة قوامها 3 ملايين فرد تساعد كما زعم في الحفاظ على الأمن الداخلي الذي وصفه بالمهدد، بل ووزع الجيش على ثلاث مناطق «مليون» شرقاً، و«مليون» على الحدود العراقية، و«مليون» على الحدود اليمنية، مليشيا يقودها ويسيطر عليها سعد البريك ومن خلفه من القيادات المتطرفة.
التنظيمات العسكرية في العالم العربي قديمة، ولعلنا نتذكر ما فعلته المليشيات الفلسطينية في الأردن ولبنان عندما تغولت وأصبحت جيشاً موازياً للجيوش الوطنية، بل أضحت أقوى من الدولة المركزية، ما أسفر عن مواجهات دامية في الأردن وحروب أهلية في لبنان، ولا يزال حسن نصر الله بمليشيات حزب الله يواصل اختطاف الدولة اللبنانية وتدمير ما بقي منها أمنياً واجتماعياً واقتصادياً.
الفكر العسكري عند المتطرفين والإخوان راسخ ومتجذر، وينطلق من طموحهم الدائم في امتلاك قوة قتالية مدججة بالسلاح يسيطرون بها على الشارع ويجابهون بها الحكومات ثم يتغلبون عليها ويختطفون الحكم منها لصالحهم.
في ليبيا مثال آخر، انهار الجيش الليبي العام 2011 تحت وطأة القتال بينه وبين مليشيا الشرق الليبي بعد ما سمي «الربيع العربي»، والتي تشكّلت في أساسها من الإخوان والقاعدة، قبل أن تظهر لاحقاً مليشيات أخرى على السطح، بقايا الجيش الليبي يقوده حفتر في بني غازي شرقاً، ومليشيا للإخوان يقودها إخوان الغرب المتواجدين في طرابلس، لتصبح ليبيا شبه دولة بعاصمتين وجيشين، وعيدين، وصومين، وتعليمين.
هل فهمنا لماذا طلب بن لادن ومن بعده سعد البريك إنشاء تلك المليشيات في السعودية التي كانت ستغير شكل المملكة -لو افترضنا ولو خيالاً وجودها- وكيف ستكون شوارعنا مسرحاً لشذاذ الآفاق من المتطرفين الذين تجمعهم العقيدة الإخوانية القادمين من أصقاع العالم ليعلمونا كيف نحمي أنفسنا كما يتخيلون، وكيف سنتحول لدولة فاشلة تنموياً واقتصادياً، وأمة منقسمة تستطيع القوى الدولية والإقليمية التحكم بها وبمصيرها من خلال إدارة الخونة وقادة المليشيات عن بعد، مدن لا صوت يعلو فيها غير صوت الرصاص والبنادق، ولا رائحة تسود غير رائحة الدم والبارود.
لقد كان هذا وما يزال أساس مشروع المتطرفين، وهدفهم الذي سعوا إليه وحاولوا تطبيقه عملياً منذ إنشاء ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية على يد سعد الفقيه ورفاقه 1993، وحتى قيام القاعدة بتنفيذ حرب الإخوان العسكرية على المملكة بين الأعوام 2003 وحتى العام 2015 من خلال عمليات قتالية إرهابية تحت مسميات القاعدة تارة وداعش تارة أخرى، حتى قضت عليهم الدولة وجففت منابعهم المالية والفكرية.
جاء العرض لانتهاز الفرصة التي ظنوها لمشاركة الدولة في مجهودها العسكري، ومن ثم ابتزازها بمليشيا غير منضبطة قوامها مئات الآلاف تجوب الشوارع ولديها قيادتها المنفصلة عن الحكومة، تنفذ توجيهات بن لادن والمسعري وسعد الفقيه وغيرهم من قيادات التطرف الذين كانوا ناشطين وقتها في المملكة، بالطبع رفض العرض لأن القيادة السعودية واعية وحكيمة وقادرة على حماية حدودها وشعبها من أي معتدٍ، وتعرف أيضاً أهداف بن لادن ومن وراءه.
نفس العرض أطلقه الواعظ سعد البريك بعد سنوات وتحديداً العام 2014 داعياً لإنشاء ما سماه (جيش مكة) وكانت فكرته أبعد من بن لادن، مليشيا مسلحة قوامها 3 ملايين فرد تساعد كما زعم في الحفاظ على الأمن الداخلي الذي وصفه بالمهدد، بل ووزع الجيش على ثلاث مناطق «مليون» شرقاً، و«مليون» على الحدود العراقية، و«مليون» على الحدود اليمنية، مليشيا يقودها ويسيطر عليها سعد البريك ومن خلفه من القيادات المتطرفة.
التنظيمات العسكرية في العالم العربي قديمة، ولعلنا نتذكر ما فعلته المليشيات الفلسطينية في الأردن ولبنان عندما تغولت وأصبحت جيشاً موازياً للجيوش الوطنية، بل أضحت أقوى من الدولة المركزية، ما أسفر عن مواجهات دامية في الأردن وحروب أهلية في لبنان، ولا يزال حسن نصر الله بمليشيات حزب الله يواصل اختطاف الدولة اللبنانية وتدمير ما بقي منها أمنياً واجتماعياً واقتصادياً.
الفكر العسكري عند المتطرفين والإخوان راسخ ومتجذر، وينطلق من طموحهم الدائم في امتلاك قوة قتالية مدججة بالسلاح يسيطرون بها على الشارع ويجابهون بها الحكومات ثم يتغلبون عليها ويختطفون الحكم منها لصالحهم.
في ليبيا مثال آخر، انهار الجيش الليبي العام 2011 تحت وطأة القتال بينه وبين مليشيا الشرق الليبي بعد ما سمي «الربيع العربي»، والتي تشكّلت في أساسها من الإخوان والقاعدة، قبل أن تظهر لاحقاً مليشيات أخرى على السطح، بقايا الجيش الليبي يقوده حفتر في بني غازي شرقاً، ومليشيا للإخوان يقودها إخوان الغرب المتواجدين في طرابلس، لتصبح ليبيا شبه دولة بعاصمتين وجيشين، وعيدين، وصومين، وتعليمين.
هل فهمنا لماذا طلب بن لادن ومن بعده سعد البريك إنشاء تلك المليشيات في السعودية التي كانت ستغير شكل المملكة -لو افترضنا ولو خيالاً وجودها- وكيف ستكون شوارعنا مسرحاً لشذاذ الآفاق من المتطرفين الذين تجمعهم العقيدة الإخوانية القادمين من أصقاع العالم ليعلمونا كيف نحمي أنفسنا كما يتخيلون، وكيف سنتحول لدولة فاشلة تنموياً واقتصادياً، وأمة منقسمة تستطيع القوى الدولية والإقليمية التحكم بها وبمصيرها من خلال إدارة الخونة وقادة المليشيات عن بعد، مدن لا صوت يعلو فيها غير صوت الرصاص والبنادق، ولا رائحة تسود غير رائحة الدم والبارود.
لقد كان هذا وما يزال أساس مشروع المتطرفين، وهدفهم الذي سعوا إليه وحاولوا تطبيقه عملياً منذ إنشاء ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية على يد سعد الفقيه ورفاقه 1993، وحتى قيام القاعدة بتنفيذ حرب الإخوان العسكرية على المملكة بين الأعوام 2003 وحتى العام 2015 من خلال عمليات قتالية إرهابية تحت مسميات القاعدة تارة وداعش تارة أخرى، حتى قضت عليهم الدولة وجففت منابعهم المالية والفكرية.